هل سنشهد عودة الاحتجاجات الشعبية في
العراق، خاصة داخل المحافظات الجنوبية، بسبب انقطاع التيار الكهربائي وعدم حل الازمة التي مضت عليها عقود؟
هل سيتم تدارك الازمة من قبل وزارة الكهرباء هذا العام، وتفي بوعودها التي لم تتحقق على ارض الواقع طيلة السنوات الماضية؟
ارصاد جوية كشفت بان صيف العراق هذا العام سيكون الاشد حرارة من سابقاته، وبوادر التهاب الجو مبكرا هي اكبر دليل على ذلك، بارتفاع معدلات سيصل لاربع او خمس درجات اضافية، ليشكل الامر ضغطا على المواطن الذي ينتظر حلا من الحكومة يكون ناجعا، لا وعودا يضطر لتسديد فواتيرها من جيبه للاشتراك بالخطوط الاهلية.
وبحسب احصاءات فان العراق يعتمد على الغاز الإيراني لتشغيل محطاته بنحو 40 بالمئة، اي ما يقرب من نحو 20 ألف ميغاواط، ما يعني أن أي تقليص أو قطع لهذه الإمدادات قد يؤدي إلى تفاقم الازمة خلال الصيف.
وبحسب تصريحات لوزارة الكهرباء فان الاحتياج الحالي للطاقة يتراوح بين 32 ألفا الى35 ألف ميغاواط، ما يشير إلى وجود فجوة بين الطلب والانتاج، الذي يصل لـ 27 ألف ميجاواط خلال الصيف الحالي، رغم احتياج البلاد الفعلي لـ 50 ألف ميغاواط لسد الحاجة المتزايدة نتيجة ارتفاع عدد السكان.
لجنة الطاقة النيابية من جانبها كشفت في وقت سابق بان نسبة الاستهلاك تتزايد بمعدل 25 بالمئة سنويا، ولا توجد معالجات حقيقية للامر، لذا فان أزمة الطاقة ستستمر، وصيف 2025 لا يبعث على التفاؤل.
ورغم إعلان وزارة الكهرباء عن خطط لتعويض النقص المحتمل عبر اتفاقيات مع دول مثل
تركمانستان، إلا أن هذه الخطط تصطدم بعقبات عدة، أبرزها مرور الغاز عبر الأراضي الإيرانية، ما يعقد تنفيذها.
وتتفاقم هذه الأزمة بسبب عوامل داخلية في العراق، مثل أزمة المياه التي قلصت إنتاج
سد الموصل من 755 ميغاواط إلى 375 ميغاواط.
ناهيك عن الفساد الإداري الذي أعاق مشاريع استثمار الغاز المحلي، رغم أن العراق يحرق 17 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز المصاحب للنفط، ما يجعله ثاني أكبر دولة في العالم بعد
روسيا بحرق الغاز.
وفي ظل هذه التحديات، يبرز عدد من الحلول التي يمكن أن تساعد في تخفيف حدة الأزمة:
ابرزها تعزيز الاستثمار بالطاقة الشمسية، من خلال دعم مشاريع الطاقة البديلة و تقديم قروض ميسرة للأسر والمؤسسات لتركيب ألواح شمسية.
اضافة لتنظيم قطاع المولدات الأهلية، من خلال فرض تسعيرة عادلة للامبير الواحد، وتوفير وقود مدعوم لأصحاب المولدات لضمان استقرار الأسعار ومنع استغلال المواطنين.
واخيرا، عن توسيع مشاريع الربط الكهربائي، وتسريع تنفيذ اتفاقيات الربط مع دول الجوار، لتوفير إمدادات كهربائية إضافية خلال فترات الذروة.
وفي النهاية يقف العراق الان عند مفترق طرق، إما أن ينجح المسؤولون عن ملف الكهرباء بتحويل الخطط الورقية إلى واقع ملموس، أو يواجهون انفجارًا شعبيا مع صيف قد تكون ساعات انقطاع التيار فيه أطول من ساعات توفرها، فالتحديات جسيمة بدءا من الفساد إلى البيروقراطية، لكن الثمن الأعلى في النهاية سيدفعه المواطن البسيط من جيبه، إذا تأخرت الحلول.