منذ ان عاد الى
البيت الأبيض، يبدو الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب وكأنه جاء للانتقام من العالم، فالأمر لا يقتصر على الشرق الأوسط ومشاكله ولا صراع النفوذ والأمن مع
ايران والصين وروسيا فحسب، بل توّج
ترامب قراراته غير المسبوقة وسلوكياته غير المدونة في خرائط الدبلوماسية العالمية، بشن حرب تجارية في يوم التحرير كما اصطلح عليه.
اكبر مستورد في العالم بـ3 تريليون دولار.. امريكا تحمي نفسها بالرسوم
في الثاني من ابريل الجاري، اعلن ترامب عن حزمة ضخمة من التعريفات
الجمركية يتم تطبيقها على مرحلتين، يستهدف ترامب من خلالها تعزيز الصناعة الامريكية ومعالجة العجز التجاري والصناعي الذي جعل
الولايات المتحدة الامريكية اكبر دول العالم استيرادا للسلع بقيمة أكثر من 3 تريليون دولار سنويًا، بينما تبرز
الصين بالمقابل كأكثر دول العالم تصديرًا، وهو ما يعكس التفاوت في القوة التصنيعية والتجارية عالميًا.
خلافا للمعروف.. رسوم ترامب "عقوبة جماعية" لا سياسة اقتصادية تجاه بضائع محدودة
فرض التعريفات الجمركية على الاستيرادات امر طبيعي في بلدان العالم لتعزيز الإنتاج الداخلي والقطاع الصناعي وحماية المنتجات والسلع المحلية، لكنها غالبًا تكون بفرض تعريفات جمركية محدودة ووفقا للسلع التي تمتلك هذه البلدان قدرة على تصنيعها، لكن ما فعله ترامب هو فرض التعريفات الجديدة على جميع بلدان العالم بغض النظر عن السلع، باستثناء بعض السلع التي لم يشملها بالتعريفات الجديدة.
10% تعريفات جمركية على الجميع.. ورسوم اكبر على "دول العجز التجاري"
تضمن القرار فرض تعريفات جمركية تبلغ 10% على جميع بلدان العالم ويبدأ تطبيقها ابتداء من 5 ابريل، وبعد ذلك بـ4 أيام، وتحديدا في 9 ابريل، بدأ تطبيق تعريفات جمركية من نوع اخر وبقيمة اعلى بكثير، على حوالي 60 دولة تمتلك الولايات المتحدة الامريكية معها عجزا تجاريا، أي ان هذه الدول تقوم بالتصدير لامريكا بمبالغ مالية اكبر مما تستورده منها.
الاسواق بادنى مستوى منذ 4 سنوات.. رسوم ترامب تعيد العالم لاجواء كورونا
تسببت الرسوم المفروضة بانهيار الأسهم واختلال الأسواق العالمية وتراجع أسعار النفط لادنى مستوى في 4 أعوام، حيث اعادت الرسوم والاقتصاد العالمي الى "أجواء حقبة كورونا"، وذلك بسبب المخاوف من ركود عالمي وتراجع عمليات التصدير والاستهلاك والتجارة العالمية.
حرب تجارية متوقعة.. الصين ترد على امريكا بـ"رسوم انتقامية"
عملية فرض الرسوم، تبعها تحذير من ترامب لدول العالم في حال ردت بفرض تعريفات جمركية "انتقامية" على السلع الامريكية، لكن هذا التحذير لم يردع العديد من الدول وعلى رأسها الصين التي ردت بفرض تعريفات جمركية ضد البضائع الامريكية المصدرة الى الصين، وهو ما دفع الى توقعات باشتعال حروب تجارية ستتسبب بارتفاع وتضخم أسعار السلع عالميًا فضلا عن التسبب بركود اقتصادي عالمي.
العراق يحصد اول اضرار رسوم ترامب.. خسارة 30 مليون دولار يوميا بتراجع النفط
فيما يخص العراق، تتنوع الاثار المتوقعة عليه من خطوة ترامب، فيما تتضارب الاراء حول حجم هذه التأثيرات، لكن عمومًا تضرر العراق بالفعل قبل تطبيق التعريفات الجمركية عليه وذلك بانخفاض اسعار النفط منذ اعلان "حرب الرسوم" بمقدار 9 دولارات للبرميل، هذا يعني ان العراق بدأ يخسر حوالي 30 مليون دولار يوميًا، او حوالي ربع مليار دولار منذ اعلان حرب التعريفات الجمركية حتى الان.
بالرسوم الاساس ورسوم "العجز".. حصة العراق من تعريفة ترامب 49%
هذا فيما يتعلق بالتأثير غير المباشر، اما في الحديث عن الاثار المباشرة، فالعراق مشمول بالتعريفة الجمركية الشاملة البالغة 10% والتي فرضها ترامب على جميع صادرات بلدان العالم الى
أمريكا، وفضلًا عن الـ10%، فرض ترامب تعريفة جمركية اضافية على العراق تبلغ 39%، تضاف الى الـ10% الاولى، ليكون المجموع 49%، والتعريفة الثانية هي الرسوم التي فرضها ترامب على البلدان التي تمتلك الولايات المتحدة معها عجزا تجاريا.
امريكا "عاجزة تجاريا" امام العراق.. تستورد بـ7.4 مليار دولار وتصدر له بـ1.7 مليار فقط
نعم، فالولايات المتحدة الامريكية تملك عجزا تجاريا مع العراق، حيث تستورد من العراق بـ7.4 مليار دولار سنويًا، بينما لايستورد العراق من الولايات المتحدة الامريكية سوى بـ1.7 مليار دولار سنويًا، ليكون بذلك مقدار العجز التجاري لصالح العراق بمبلغ 5.7 مليار دولار سنويًا.
امريكا ستحصل على 3.6 مليار دولار من الرسوم على صادرات العراق
يشكل النفط الجزء الاكبر من الصادرات العراقية الى امريكا سنويًا، وبفرض رسوم تبلغ 49% على صادرات العراق، هذا يعني ان الحكومة الامريكية ستحصل على 3.6 مليار دولار رسوم من بضائع العراق، من المفترض ان يتحملها المستوردون الامريكيون، لتكون الكلفة الاجمالية عليهم تبلغ حوالي 11 مليار دولار لاستيراد النفط والبضائع من العراق بدلا من 7.4 مليار دولار، وبذلك سترتفع كلفة السلع والبضائع العراقية في السوق الامريكية.
المستوردون الامريكيون من العراق قد يبحثون عن مصدّر بديل "لتقليل الكلفة"
هذا الأمر، من المتوقع ان يدفع
المصافي المستوردة للنفط العراقي وباقي المستوردين الاميركيين للسلع من العراق، الى البحث عن مصدر اخر لاستيراد هذه البضائع والنفط بدلا من العراق، وذلك لتقليل كلفة الاستيراد، لكن بالمقابل، تشير المعلومات الى ان النفط والمشتقات النفطية لن تشمل اساسًا بالرسوم الجمركية الجديدة.
هذا التقرير من ضمن برنامج "حصاد
السومرية" من تقديم ورود الموزاني وإعداد غرفة أخبار "السومرية"، يُعرض كلّ جمعة السّاعة 8:30 مساءً. لمشاهدة
الحلقة كاملة، انقر
هنا.