وفي لبنان يتم احتساب الأعياد الرسمية وفقًا للتقويمين الميلادي والهجري، نظراً للتعدد الديني في البلاد، إلا عيد البشارة يعتبر عيدًا وطنيًا رسميًا، وهو عطلة لجميع اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، منذ عام 2010. وذلك لتعزيز العيش المشترك، حيث أن السيدة مريم مقدسة في الإسلام والمسيحية.
وهذا العيد دفع بعض رجال الدين على التنادي والتوحّد للصلاة في لبنان في يوم واحد، يتلاقى فيه المسيحيون والمسلمون، وهذا الحدث غير موجود في أيّ بلد من بلدان العالم، وقد تميّز به لبنان بنعمة من السيدة العذراء المرأة الوحيدة المصطفاة من بين جميع نساء العالمين. فما معنى بشارة مريم العذراء عند الإسلام والمسيحية؟
في الاسلام، تحدّث القرآن الكريم عن المسيح عليه السلام وأمّه، ورفع من شأنهما وجعل مريم أفضل نساء العالمين على الإطلاق وكرّمها بأن أفرد سورة كاملة باسمها، حيث لم يأت على اسم أي امرأة مطلقاً بين دفتي المصحف، كما ذكر قصّة بشارتِها بالنصّ والتفصيل.
قصة البشارة مذكورة في القرآن الكريم في سورتي آل عمران ومريم، حيث جاء جبريل عليه السلام إلى مريم وأخبرها بأنها ستلد نبيًّا من غير أن يمسها بشر، بأمر الله:
﴿إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ يَٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍۢ مِّنْهُ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًۭا فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ﴾.
ولكن لا يوجد في الإسلام إحتفال خاصّ بهذه المناسبة، فالأعياد الرسميّة في الإسلام هي عيد الفطر وعيد الأضحى فقط.
أما عند الطائفة المسيحية، عيد البشارة الذي يصادف في 25 آذار، هو من أوّل الأعياد المسيحية وأهمّها، فلولا البشارة وحلول المسيح في بطن العذراء ما كانت بقية الأعياد، لذلك الآباء يسمّونه رأس الأعياد والبعض يسمّونه نبع الأعياد أو أصل الأعياد. والبشارة هي تبشير الملاك جبرائيل السيدة مريم بحملها بالمسيح، مخلّص العالم.
وذكر في الانجيل: "ولَمَّا دَخَلَ المَلاكُ إِلَيْهَا قَال: «أَلسَّلامُ عَلَيْكِ، يَا مَمْلُوءَةً نِعْمَة، أَلرَّبّ مَعَكِ!» فَٱضْطَربَتْ مَرْيَمُ لِكَلامِهِ، وأَخَذَتْ تُفَكِّرُ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا السَّلام! فقَالَ لَهَا المَلاك: «لا تَخَافِي، يَا مَرْيَم، لأَنَّكِ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ الله.وهَا أَنْتِ تَحْمِلينَ، وتَلِدِينَ ٱبْنًا، وتُسَمِّينَهُ يَسُوع. وهُوَ يَكُونُ عَظِيمًا، وٱبْنَ العَليِّ يُدْعَى، ويُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ عَرْشَ دَاوُدَ أَبِيه، فَيَمْلِكُ عَلى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلى الأَبَد، ولا يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَة!». فَقالَتْ مَرْيَمُ لِلمَلاك: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا، وأَنَا لا أَعْرِفُ رَجُلًا؟». فأَجَابَ المَلاكُ وقالَ لَهَا: «أَلرُّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وقُدْرَةُ العَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، ولِذلِكَ فٱلقُدُّوسُ ٱلمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ٱبْنَ ٱلله!".