ورغم ادعاء الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب أن
الولايات المتحدة هي الدولة "الوحيدة" التي تطبق هذا النظام، يظهر الواقع أن أكثر من 30 دولة حول العالم تتبناه، وإن بدأت بعضها بالتراجع عنه مؤخرًا تحت ضغوط الهجرة، بحسب صحيفة
واشنطن بوست.
يسعى
ترامب إلى إنهاء هذا النظام عبر أمر تنفيذي يُعيد تفسير التعديل الرابع عشر للدستور الأمريكي (الذي يضمن الجنسية للمولودين على الأراضي الأمريكية). ويهدف القرار إلى حرمان أطفال المهاجرين غير النظاميين أو الحاملين بتأشيرات مؤقتة (عمل/دراسة/سياحة) من الحصول على الجنسية.
وقد واجه هذا الأمر معارضة قانونية شديدة، من اتحاد الحريات المدنية الأمريكي (ACLU) الذي وصف المواطنة بالولادة بأنها "جزء من قوة
أمريكا وحيويتها".
كما رفعت 22 ولاية أمريكية بالإضافة إلى
واشنطن العاصمة دعاوى قضائية لإبطاله، مؤكدة أنه غير دستوري.
وفي جلسة طارئة يوم الخميس، ناقشت
المحكمة العليا طلب
إدارة ترامب رفع التعليق المؤقت للأمر، لكنها لم تُبدِ رأيًا في دستوريته بعد.
الدول التي تطبق المواطنة بالولادة
تتركز أغلب هذه الدول في الأمريكتين ومنطقة الكاريبي، كإرث استعماري لاستقطاب المهاجرين الأوروبيين تاريخيًا:
أمريكا الوسطى والكاريبي
تطبق جميع دول أمريكا الوسطى النظام، ومنها: غواتيمالا، وبليز، والسلفادور، وهندوراس، ونيكاراغوا، وبنما، وكوستاريكا (تشترط الأخيرة تسجيل الولادة رسميًا). وفي الكاريبي: كوبا، وجامايكا، وباربادوس، والدومينيكان، وغرينادا، وترينيداد وتوباغو، وأنتيغوا وبربودا.
وفي أمريكا الجنوبية هناك 10 من 12 دولة تمنح الجنسية بالولادة، أبرزها:
البرازيل، والأرجنتين، وتشيلي، وبيرو، والإكوادور، وفنزويلا، وبوليفيا، وباراغواي، وأوروغواي، وغيانا.
انتشار النظام خارج الأمريكتين
رغم تركّز تطبيق المواطنة بالولادة (Jus Soli) في الأمريكتين، توجد استثناءات لافتة في قارات أخرى. ففي آسيا، تُعد باكستان الدولة الوحيدة البارزة التي تحافظ على هذا النظام. وفي أفريقيا، تطبقه كل من تنزانيا وليسوتو، بينما تتبناه دول جزرية في
المحيط الهادئ مثل توفالو وفيجي. هذه الحالات تعكس تنوعًا في النماذج رغم ندرتها مقارنةً بالعالم الجديد.
تراجع الدول عن النظام
وقد شهدت العقود الأخيرة تحولًا جذريًا في سياسات الجنسية، حيث تخلت دول كثيرة - خاصة في أوروبا - عن المواطنة بالولادة. فغيرت
بريطانيا، المصدر التاريخي للنموذج الأمريكي، سياستها عام 1984 لاشتراط أن يكون أحد
الوالدين مواطنًا أو مقيمًا دائمًا. وتبعتها
أيرلندا عام 2004 بربط الجنسية بنسب الوالدين.
وخارج أوروبا، ألغت
أستراليا النظام عام 1986، وواجهت انتقادات حادة بعد محاولة ترحيل لاجئين تاميليين مع أطفال وُلدوا على أراضيها. أما الهند، فأوقفت العمل به عام 1987 مع استثناءات ضيقة لمن ولدوا لآباء يعانون من اضطهاد سياسي أو ديني.
الآثار المترتبة على الإلغاء
يثير الوضع الجديد مخاوف جدية حول ولادة أطفال عديمي الجنسية في الولايات المتحدة لأول مرة منذ عقود، إذ إن الأطفال المولودين لمهاجرين غير موثقين في الولايات التي ستُطبق الأمر التنفيذي قد يُحرمون من الجنسية الأمريكية، مما يجعلهم عرضة للترحيل.
ووفق الصحيفة، إذا وُلد طفل في ولاية تدعم قرار ترامب ضد حق المواطنة بالولادة، مثل
تكساس، فلن يكون مؤهلاً للحصول على جواز سفر أمريكي أو المزايا الصحية والاجتماعية المتاحة للمواطنين فقط.
ولا يقتصر تأثير الأمر التنفيذي على أطفال المهاجرين غير
الموثقين فحسب، بل يشمل أيضًا أطفال الحاملين لتأشيرات مؤقتة مثل إتش1بي. فمثلاً، الأطفال المولودون لوالد يحمل تأشيرة عمل مؤقتة قد يُحرمون من الجنسية الأمريكية.
ورغم أن هؤلاء الأطفال قد يرثون وضع والديهم كمهاجرين قانونيين مؤقتين، سيظل الحصول على المزايا صعبًا أو مستحيلاً، لكنهم لن يكونوا معرضين للترحيل.