لكن بعض الفصائل نفت ما أوردته وكالة "رويترز" عن قبولها بنزع سلاحها. وردّ قيادي بارز في حركة "النجباء" على تقرير الوكالة، والذي جاء فيه أن جماعات عراقية، بينها "النجباء"، اقتنعت بالتخلي عن خيار المقاومة المسلحة؛ وقال، "إننا لم نناقش مطلقاً خيار تسليم السلاح، ولن نساوم على وجودنا المقاوم. نحن حركة مقاومة، وسنبقى كذلك طالما بقي الاحتلال الأميركي للأراضي العراقية".
وأوضح أن "ما يُنشر عن ضغوط إيرانية لتقليص نشاطنا غير صحيح. قرارنا مستقل، وإيران لا تتدخّل في شؤوننا، ولكننا في الوقت ذاته منفتحون على الحوارات مع الحكومة بشرط أن تُدرك أهمية وجود فصائل المقاومة في معادلة
الأمن الوطني"، بحسب صحيفة الاخبار
اللبنانية.
وفي بيان لها، نفت كتائب
حزب الله التصريحات التي نسبتها "رويترز" في تقريرها إلى "ما سمته قائد في كتائب حزب الله، وهي لا تمتّ إلى ثوابتنا ومواقفنا بأية صلة. وإزاء ذلك، نؤكد أن لا وجود لأي تصريحات للكتائب في وسائل الإعلام، إذ إن التصريحات تنحصر فقط بالمتحدث الرسمي
السيد محمد محي، والناطق العسكري السيد جعفر
الحسيني، ودونهما تُدرج ضمن إطار الكذب والافتراء".
وفي المقابل، يعتقد سياسي عراقي بارز أن توقّف عمليات المقاومة العراقية "لم يكن وليد المصادفة، بل جاء بعد تصاعد الضغوط الدولية، وتهديدات مباشرة من
واشنطن بقصف مواقع الفصائل في
العراق، مع المطالبة بنزع سلاحها".
ويضيف، أن "الحكومة نقلت إلى الفصائل تحذيرات واضحة من أن استمرار عملياتها قد يفتح الباب أمام ردّ عسكري واسع النطاق من قبل القوات الأميركية، ما دفعها إلى إعادة النظر في تحركاتها". ويتابع أن "هناك حديثاً متزايداً عن تفاهمات غير معلنة بين
الحكومة العراقية وبعض الفصائل، لتقليل التوتّر وضمان الاستقرار وعدم التعرّض لأي قوات أجنبية أخرى"، متابعاً أن "التركيز في الوقت الحالي على دمجها التدريجي في مؤسسات الدولة، وطمأنة واشنطن إلى أن
بغداد جادة في حصر السلاح بيدها".
وكانت قد بدأت الفصائل، منذ أسابيع، وتحديداً بعد إعلان الرئيس الأميركي،
دونالد ترامب، نيّته تفعيل سياسات أكثر حزماً تجاه حلفاء
إيران، عملية إعادة تموضع ميدانية، مغيّرةً مقراتها في مناطق مختلفة من بغداد ومحافظات الجنوب، خشية رصدها واستهدافها.
وتشير المعلومات إلى أن مقرات رئيسية أُخليت في العاصمة ومحيطها، في حين صدرت تعليمات بتقليل الظهور العلني، وتجميد بعض التحرّكات العسكرية ونقل بعض القيادات إلى مواقع أكثر تحصيناً. ومن جهتها، تلتزم الحكومة العراقية الحذر، وتسعى عبر وساطات داخلية وخارجية إلى تجنيب البلاد مواجهة مباشرة بين
الولايات المتحدة والفصائل.
وتُفضّل بغداد اليوم خيار التهدئة التدريجية، بالتوازي مع مساعٍ إلى دمج بعض عناصر الفصائل في مؤسسات الدولة. ويرى القيادي في الإطار التنسيقي، علي حسين، أن "الحكومة العراقية تؤكد التزامها بإخضاع السلاح لسلطة الدولة أمام
المجتمع الدولي، والعمل على تهدئة الأجواء ومنع العراق من الانزلاق إلى صراع إقليمي".
ويضيف أن "العراق يسعى إلى الحفاظ على توازن في علاقاته مع كل من إيران والولايات المتحدة، خصوصاً بعد نجاح الحكومة نسبياً في تخفيف حدة المواجهة خلال الأشهر الماضية".
وفي ما يتعلّق بالحوار الحكومي مع الفصائل، يبين أنه "ليس سهلاً، والحوارات حساسة جداً رغم أنها تجري خلف الكواليس، وذلك بهدف التوصّل إلى صيغة تضمن الأمن من دون المساس بكرامة الفصائل، التي لها تاريخ زاخر في مقارعة الإرهاب وآخر فصوله داعش".
ومن جهته، يُرجِع الخبير الأمني، علي المختار، قرار تجميد العمليات المسلحة للفصائل إلى "أسباب عدة، منها تصاعد الضغط الأميركي والخشية من ضربة مباغتة قد تطيح بعض قيادات الصف الأول، وأيضاً الالتزام بالنصائح الإيرانية بخفض التوتر في الوقت الحالي".